كنز الحلم
كانت الملل يتسرب إليه
كل يوم ، بل كل ثانية ، لقد فقد شيئا ما بداخله ، هناك ما لم يعد يعمل جيدا ،
رتابة الحياة لم يعد ما يعادلها ، اختفى رونق الوجود من حوله ، عاد يزفر بقوة
محاولا طرد كل ذلك من ذهنه وهو ينظر إلى اللون الأصفر على امتداد البصر من كل
اتجاه ، ويقلب عينيه فى السماء المتوهجة بشمس الظهيرة اللافحة ، ينقل قدميه بتثاقل كبير وهو يتحرك فى دوائر لا
يزيد نصف قطرها عن أمتار معدودة ، يناديه صوت من خارج من المنزل ( كما يحب أن يطلق
عليه ، وهو مكون من أربع حوائط من الخشب غير مكتمله ويستر ما بقى منها أجولة وخيش
) ماذا تفعل ؟
تبا لغباء سؤال يتكرر ،
أيعقل مثلا أنه يتدرب على السباحة أم يلعب الجولف ؟ نظر له شذرا ولم يرد ، كان يعرف أنه لو رد لخسره فورا
، وهو لن يجازف بذلك أبدا ، ليس وهو عماده فى هذه الحياة ، لن يعيش سوى لحظات
معدودة بعده وستلتهمه تلك الصحراء التى لا ترحم ، مهلا مهلا ....
سؤال حيوي ، ما الذى جاء
بهما إلى هنا من الأساس ؟
ألقى السؤال على صديقه ،
فنظر إليه بفراغ صبر وملل من سؤال يتكرر كل ساعة خمس مرات تقريبا ، وجاوبه بهدوء
نحن هنا للبحث عن الكنز الذى أخفيته يوما وتريد استخراجه بعد عودتك خالى الوفاض من
سفرك ، واستدرك ليجيب سؤالا آخر اعتاد أن يعقب به ، وأنا معك مقابل ثلث ما نجد ،
وإن كان الشك بدأ يتسرب إلى نفسى أننا سنجد شيئا أسر بالكلمات الأخيرة فى نفسه ولم
يعلنها ساخطا على هذا المعتوه الذى يذكره بجحا الذى علم مكان الكنز بغمامة تمر
وهذا علمها بتل رملى يتغير مكانه خمس مرات سنويا على الأقل نتيجه لحركة الرمال
والرياح ، صمت وهو مشمئز منه ، ولم يدر لم لم يمض بعيدا ويتركه وما فيه من غباء ،
آه من الحلم الذى يداعبه والذى يكبله فى هذا المكان المقفر ، لو وجدوا الكنز وأخذ
نصيبه فسيكفيه أن يبنى منزل الأحلام ويتزوج بمن غرد لها قلبه ، ويضمن لأولادهما
حياة كريمة من ريع مشروع يخطط له بجزء منها ، قطع أحلامه زفرات الآخر المتكررة
فنظر إليه وهم أن يسأله كالعادة ، هل من ملمح جديد لمكان نبحث فيه ؟
ولكنه أحجم وانتظر منه أن يخبره بما يدور فى خلده ، ولكن طال انتظاره وهو صامت يدور فى دوائره السرمدية محاولا التذكر ، كم بدأ يكرهه ، متردد وسخيف ولا يدرى شيئا من الحياة سوى كنزه ، سافر وعاد ومازال حلمه كنزه المزعوم ، والكارثة الكبرى عندما علم مصدر الكنز ، وكيف حصل عليه بعد ذلك الحادث الذى أودى بكل من فيه ، وأخذه هو وهرب قبل ان يصل أحد إلى المكان ، وجاء إلى الصحراء ليخفيه عن الأنظار ، وبخبراته ناصعة البياض اختار أسوأ الأماكن كى يخفيه ، وسافر وعاد إلى مكان تتغير ملامحه كل لحظة ليبحث عنه وجاء به معه مستغلا معرفته بآماله التى استعصت على التحقيق لسنوات كثيرة و ....
انتبه من شروده على صياح الآخر ، ونظر إليه شذرا استمع إليه وهو يتلو نفس الكلمات من جديد عن أنه ربما هنا وربما هناك وربما كانت تلك الصخرة إلى يمينه بل إلى الأمام قليلا من ناحية اليسار وربما وربما وربما .... ، ساوره الملل وشرد بذهنه بعيدا وهو يعبث بقدمه فى الرمال ببطء ، وفوجئ بالآخر ينهره بصوت عال ، فارتفع بعينه بنظرة حادة كادت أن تقتله وانتفض لها جسده ، ولكنه استجمع نفسه ولكى يخفى اضطرابه وخوفه علا صوته أكثر وبدأ فى السباب بشكل سخيف ، بل وجاوز ذلك عندما وجده صامتا إلى التعدى على بيده فصفعه صفعة رنت فى الوادى ، فرد الآخر بضربة على وجهه ألقته بعيدا ولم يتحرك بعدها ، على الإطلاق ، وهنا انتبه لنفسه وأسرع يقلبه يمينا ويسارا لعله ينهض أو تصدر عنه أى حركة تدل على الحياة فلم يجد ، وهنا ضاقت الدنيا أمام عينه ونظر حوله وهو يشعر ان كل سكان الأرض يشاهدونه ، ولكن بعد لحظات راحت السكرة وجاءة الفكرة ، فجذب الجثة بعيدا عن مكان التخييم قدر المستطاع وبدأ الحفر ليدفنه ويخفى جميع الآثار ، ولكن ارتط بما بدا كسر صخر وليس صخرا كاملا ، فأزاحه قليلا ليجد تحته قطعة كببيرة من القماش ، ملفوفة حول الكثير من النقود والتى علم عددها قبل أن يمد يده إليها ، إنه الكنز الذى عاش يحلم به الآخر ، وسيدفن فى مكانه .
ولكنه أحجم وانتظر منه أن يخبره بما يدور فى خلده ، ولكن طال انتظاره وهو صامت يدور فى دوائره السرمدية محاولا التذكر ، كم بدأ يكرهه ، متردد وسخيف ولا يدرى شيئا من الحياة سوى كنزه ، سافر وعاد ومازال حلمه كنزه المزعوم ، والكارثة الكبرى عندما علم مصدر الكنز ، وكيف حصل عليه بعد ذلك الحادث الذى أودى بكل من فيه ، وأخذه هو وهرب قبل ان يصل أحد إلى المكان ، وجاء إلى الصحراء ليخفيه عن الأنظار ، وبخبراته ناصعة البياض اختار أسوأ الأماكن كى يخفيه ، وسافر وعاد إلى مكان تتغير ملامحه كل لحظة ليبحث عنه وجاء به معه مستغلا معرفته بآماله التى استعصت على التحقيق لسنوات كثيرة و ....
انتبه من شروده على صياح الآخر ، ونظر إليه شذرا استمع إليه وهو يتلو نفس الكلمات من جديد عن أنه ربما هنا وربما هناك وربما كانت تلك الصخرة إلى يمينه بل إلى الأمام قليلا من ناحية اليسار وربما وربما وربما .... ، ساوره الملل وشرد بذهنه بعيدا وهو يعبث بقدمه فى الرمال ببطء ، وفوجئ بالآخر ينهره بصوت عال ، فارتفع بعينه بنظرة حادة كادت أن تقتله وانتفض لها جسده ، ولكنه استجمع نفسه ولكى يخفى اضطرابه وخوفه علا صوته أكثر وبدأ فى السباب بشكل سخيف ، بل وجاوز ذلك عندما وجده صامتا إلى التعدى على بيده فصفعه صفعة رنت فى الوادى ، فرد الآخر بضربة على وجهه ألقته بعيدا ولم يتحرك بعدها ، على الإطلاق ، وهنا انتبه لنفسه وأسرع يقلبه يمينا ويسارا لعله ينهض أو تصدر عنه أى حركة تدل على الحياة فلم يجد ، وهنا ضاقت الدنيا أمام عينه ونظر حوله وهو يشعر ان كل سكان الأرض يشاهدونه ، ولكن بعد لحظات راحت السكرة وجاءة الفكرة ، فجذب الجثة بعيدا عن مكان التخييم قدر المستطاع وبدأ الحفر ليدفنه ويخفى جميع الآثار ، ولكن ارتط بما بدا كسر صخر وليس صخرا كاملا ، فأزاحه قليلا ليجد تحته قطعة كببيرة من القماش ، ملفوفة حول الكثير من النقود والتى علم عددها قبل أن يمد يده إليها ، إنه الكنز الذى عاش يحلم به الآخر ، وسيدفن فى مكانه .
بعد أن وارى الجثة ، حمل
النقود وتابع مباشرة إلى السيارة لينطلق بها مسرعا دون ان ينظر خلفه ولو للحظة ،
وبعد ساعة كانت الشمس قد اختفت من الكون وحل الظلام ، ولكنه تابع إلى الأمام لأنه
يعلم الطريق جيدا ، وبعد مرور ساعات سمع حشرجة مرعبة تصدر من السيارة ، ليكتشف انه
نسى أن يجلب معه البنزين وهو ينطلق بالسيارة ، والأسوأ أنه عندما نزل من السيارة
وتمعن فى علامات الطريق حوله اكتشف أنه قد أضاع الطريق ، ونام فى مكانه لعله فى
الصباح يجد الطريق إلى العمار ، وبعد مرور يومين وهو يدور فى دوائر شبه مكتملة حول
السيارة بأنصاف أقطار تتزايد ويتزايد معها الجوع والعطش ، كانت اللفة الأخيرة التى
أفضت به إلى جوار السيارة ليستند إليها وليدرك أن مصيره قد تقرر منذ ان ربط حياته
بهذا الكنز الذى دمر الجميع .
هناك 8 تعليقات:
حين تجد كنز و تفقد نفسك و تبيع روحك فاعلم انه كنز من بؤس مميت
قصة جميلة
تحياتي لقلمك المبدع
فصة جميلة وتعتبر قصة حياة كل من يضيع حياته بحثا عن السراب ولا يستغل قدراته التى قد تكون هى الكنز الحقيقى !
دمت مبدعااا
جميلة جدا يا ازهري وعجبني قوي تصاعد الأحداث فيها
أيوة كده سيب نون النسوة وتاء التأنيث شوية فى حالهم هم والجمعية
صباح الغاردينيا
حين طغى حب التملك وفقد أجمل مافيه
وركض خلف الوهم والسراب فقد نفسه قبل ذلك الكنز"
؛؛
؛
قصة معبرة وهادفة
لروحك عبق الغاردينيا
كانت هنا
Reemaas
مصطفى
أنت الأجمل يا صديقى
تحياتى دوما
رودى
بداخل كل منا من الكنوز الكثير ولكن من يبحث ؟؟؟
دمت ودام وجودك الرائع
مانووووووووووووش
نون النسوة واخدين هدنة مؤقتة هبة من ذاتى العلية
لكن فى كل الأحوال
مكملين
ريماس
بالفعل
صباح النور والأمل
إرسال تعليق