جواهر سلمان
جفف (سلمان) الصياد عرقه الغزير من حرارة هذه الليلة من ليالي الصيف ، قبل أن يبدأ في شد شباكه راجيا من الله أن يرزق بالخير الوفير. وحين بدأ في شد الشباك عجز عن فعلها في أول الأمر فتهللت أساريره وقال :
- الحمد لله . يبدو أن الرزق وفير هذه الليلة
قالها وجاهد بكل قوته لرفع الشبكة, التي بدأت تستجيب له وترتفع شيئا فشيئا0 وببطء خرجت من المياه ,فجذبها بكل ما تبقى له من قوة نحو مركبة وهو يقول :
- وأخيرا أيتها الأسماك الحبيبة0
قالها ونظر بإرتياب نحو الشبكة .. كان الظلام حالكا",والقمرهلالا"صغيرا" لا يتيح له رؤية الشبكة بوضوح , ولكنه قدر أنه لم يصطاد أسماكا" كثيرة كما حسب, بل اصطاد شيئا واحدا كبيرا" في الحجم, فقال وهو يفكر :
- ما هذا الشيء بالضبط0
قالها وحاول الامساك به, فتلقى لطمتين فقال :
- سمكتان... لقد إصطدت سمكتان .
قالها وحاول الإقتراب مرةأخري, فتلقى لطمتين من أعلى الشبكه فقال:
- أربع سمكات .... لقد إصطدت أربع سمكات كبيرات الحجم ملفوفة في أعشاب البحر..... هذه مفاجأة.. لم أصطد شيئا كبيرا كهذا في حياتي ... لا بأس يمكنني تسويقه بإذن الله.
قالها وأسمك بمجدافي مركبة , وبدأ يجدف بقاربه نحو الشاطىء البعيد وقد تملكته رغبه عارمة في معرفة نوع الأسماك التي إصطادها . فهي هادئة لم تحاول التحرك إلا حين لمسها, وإن كان سعيدا من داخله لأنه اصطاد أسماك كبيرة الحجم مثله مثل البحاره, الذين سافروا للبحار البعيدة على مراكب ضخمة . وهو اصطاد مثلهم في أول مره يتوغل فيها داخل البحر , بعد أن مرت عليه عدة أيام دون أن يصطاد شيئا يذكر . لذا كان صيد هذه السمكات حدث هام بالنسبة له . وإن كان يضايقه أنه يسمع ما يشبه صوت تنفس غير منتظم من أسماكه, ولكنه لم يعر هذا أي اهتمام حين وصل للشاطئ.. لم يكن الفجر قد طلع بعد لذا سحب القارب نحو الشاطئ ,ثم جر الشبكه نحو كوخه القريب من الشاطئ ثم ملأ حوض واسع داخل كوخه بالماء وألقي الشبكة فيه وقال :
- لقد أعدتكم للماء ثانية . الأن اسمحوا لي بالعودة لموطني الطبيعي أنا الآخر.
وأضاف وهو يتثائب :
- الفراش .
قالها واتجه بخطوات ثقيلة نحو فراشه, وغاص فيه غوصا وراح في ثبات عميق.
وبعد عدة ساعات استيقظ (سلمان) الصياد من نومه ونهض من الفراش وهو يقول :
- يمكن للأسماك ان تنتظر فالجوع يعصف بي .
قالها واتجه نحو مطبخه وتناول إفطارا سريعا ثم نهض نحو حوض المياه وكانت الأسماك داخل الشبكة تتحرك حركة هادئة فقال :
- حسنا.. أنا قادم يا فتيات0
ثم بدأ في فك الشبكة من عليها ونزعها بسرعة, وهو مغمض العينين ويقول بعد ان أكمل مهتمه :
- والآن إلى المفاجأة .
قالها وفتح عينيه ولكنه لم يتمالك نفسه من هول المفاجأة, فأمامه كانت أجمل فتاه رآها بعينه أو حلم بها هو وأي رجل آخر..... فتاة بارعة الحسن بصرف النظر عن كفيها وقدميها الشبيهان بأرجل البط.. ولثواني لم يستطع سلمان ان ينطق بكلمة واحدة .فقط وقف ذاهل العينين وهو يحدق بكل هذا الجمال, وبعد دقيقه أو يزيد تمتم سلمان بكلمات بدت له غير مفهومة في أول الأمر, ولكنه سرعان ما أدرك انه لم ينطق بهذه الكلمات ولكنها جاءت من الفتاة, التي همهمت بكلمات بصوت خفيف, وإن كان قد أردك أنها خائفة فحاول ان يهدئها قائلا :
- مهلا يا فتاه لا تحسبي أني قادر على إيذائك أو حتى التفكير في هذا.
صمتت الفتاة ونظرت نحو الماء في حوضها, ثم رفعت عينيها نحوه وقالت بصوت عذب
- أحقا .... لا .
تهللت أسارير(سلمان) وهو يقول :
- أتتكلمين العربية ؟
قالت الفتاة :
- لغات .. كثيرة .. أفعل .. بحار .. كثيرة .. أجوب .. تكلم .. أنت .. ببطء
قال سلمان :
- لا بأس لا بأس . سأتكلم ببطء حتى تفهمين, ولكن قولي لي اولا من أنت ؟
صمتت الفتاة قليلا ثم قالت :
- انا .. اسم .. (راماي) .. أنا .. بنت .. (كورين) .. حاكم .. بحر .. بعيد .. أنا .. ابتعدت .. أرضي .. تهت.
قال لها سلمان :
- ياه .. هل يعيش امثالك في البحر .. أهناك الكثيرون مثلك
قال (راماي)
مثلي .. رجال .. مثلي .. نساء .. قبيلة .. تحت .. بحر
قال سلمان :
- أأنتم من بني البشر ثم سكنتم البحار
صمتت الفتاة ولم تجد ما تقوله فقال لها سلمان :
- أأنتم بشر مثلنا
قالت (راماي):
- أعلم .. لا ..... أنا .. بحرية .... أعلم .. أرضي .. مثلك .. يعيش .... قليل .. رأيت .. من .. قبل .... سفينة .. تغرق .. عندنا .... أنتم .. تموت .. ماء .... نحن .. نعيش .. ماء
قال سلمان :
- بالتأكيد. هذا طبيعي لابد من أنكم تتنفسون تحت الماء ، وتتحركون جيدا بواسطة أرجل البط هذه . لقد خدعتيني في أول الأمر ، وظننت أنها ذيول سمك كما أن ملابسك من أعشاب البحر لم أتبين حقيقتك . ولكن مجيئك إلي هنا لابد من أن التيارات البحرية دفعتك بعيداً عن موطنك.
صمتت الفتاة فأكمل سلمان :
- لا بأس اعتبري هذا منزلك الجديد
نظرت الفتاة له ولم تنطق فتابع :
- سأهيئ لكي كل سبل راحتك حتى نجد وسيلة لإعادتك إلى أهلك
ضحكت الفتاه بأجمل صوت سمعه لضحكة من قبل وهي تقول :
- انت .. جميل .. رجل .. أنت .. تعيدني .. وطني
ضحك سلمان هو الآخر وقال لها :
- لا بأس يا فتاتي الجميلة لا يمكن ان اسمح لكي بأن تهلكي ويهلك معكي كل هذا الجمال سيخسر العالم الكثير والآن كيف أهيئ لكي المكان . قالت :
- ماء .. اعرف لا .. ماء
قال سلمان :
- حسنا حسنا سأبدأ بجلب المزيد من الماء وإذا احتجت لشيء أخر فاطلبيه مني .
قالها وخرج من كوخه واتجه نحو البحر حاملا دلو الماء وعاد به لراماي وسكبه في حوضها وقال لها :
- والان ماذا تشربين ؟
قالت راماي ضاحكة :
- اشرب .. بحر
قال سلمان :
- اه تشربين ماءا مالحا طبعا هذا شيء نتوفر بشدة والآن ماذا عن طعامك
قالت (راماي)
- إعشاب .. أكل
قال سلمان :
- أي نوع من الاعشاب
لم تستطع الفتاة ان حدد نوعا بعينه فقال سلمان :
- امن شيء اخر
قالت (راماي):
- أسماك .. قليل
قال سلمان :
- لقد جئت إلى المكان المناسب لا يوجد عندي شيء اخر سوى الاسماك
ثم تذكر شيئا فأكمل بخجل :
- حسنا ما عدا هذا اليوم واليوم السابق والذي يسبقه حسنا كان هذا اسبوعا صعبا بالتأكيد
قالها وضحك وفهمت (راماي) معنى الكلام فضحكت هي الأخرى وقالت:
صياد .. سيء .. لا .. أنت .. اصطدت .. أنا
قال سلمان :
- ربما يغير هذا من حظي والان استئذنك في إحضار بعض الطعام
قالها وخرج من كوخه واتجه نحو البلدة ليشتري بعض السمك وهو يضحك من سخرية الموقف وحين عاد قرب المساء اطعمها سمكه ثم قال لها :
- والان استأذنك في الحصول على سمكة بطريقة من يسمى صياد
ابتسمت راماي له وفقال لها وهو يغادر كوخه:
- اراك عند الفجر
ابتسمت له وقالت
- سلام .. انت
الكاتب / هيثم عبد الغفار
هناك 5 تعليقات:
الأزهرى
السلام عليكم
أولاً :-
أول تعليق يا صديقى
ثانياً :-
قصة رائعة
والله تعالى يوزع الأرزاق
حيث يقول فى كتابه العزيز :-
{قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ
لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ
أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}(36)سورة سبأ
صدق الله العظيم
خالص تقديرى
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
اسال الله ان يوفقك لكل ما يحبه ويرضاه
تعالى معنا نملأ كوبا من اللبن
والدعوه للجميع نريدكم ان تملؤا اكوابا من اللبن فى مدونه رابطه هويتى اسلاميه
الدعوه عامه
فين الباقى عايزه باقى الحدوته انا قعده على باب المدونه لحد ماتكمل
فيييييييييين الباقى :(
الحقيقة القصة شدتنى جداً جداً
إسلوبها شيق للغاية وطريقة سردها رائع
أشكرك على إتاحة الفرصة لنا لقراءتها
تحياتى
إرسال تعليق