الثلاثاء، 7 أبريل 2015

فى رحلة الألم .... والأمل :) 5



قبل النهاية

لم تكن تلك هى المرة الأولى التى يجلس فيها إلى صديقه الأخير ، فمنذ عرفه وهو لا يأتمن سواه ، ولا يجد السلوى إلا معه ، تتناثر الأعوام ويتطرد مرورها ، يفقد خلالها الكثير من الجمال فى داخله ، تظهر تلك الصحراء القاحلة فى تلك المنطقة البعيدة ،  تتزايد ، يموت الأخضر ويتناثر اليابس فى الهواء ، وتزداد حرارتها يوما بعد يوم ، لم يعد لديه الكثير من تلك الزهور المعطرة لقلبه ، هذا إن كان القلب لا يزال حيا يحتاجها من الأساس .
 يغير من وضع قدمه كل ثانيتين ، يلقى بالحجارة ولا ينظر إلى تموجاتها على صفحة المياه كما كان يفعل فى القديم ، يكتم جاهدا تلك الصرخة التى تحارب كى تفلت من بين شفتيه لتدوى فى أرجاء الكون وتزعج القاطنين على حدود العالم معلنة سخطه على كل ما يحدث وحدث وربما ما سيحدث يوما أيضا ، يقف مراودا نفسه أن يلقى نفسه بين طياته فيغتسل لعل روحه تبرأ ، ثم يجلس متراجعا وموقنا أن ذلك ليس حلا ، تجد الدمعة الحبيسة ملاذا لها بين أجفانه ، ولكنها لا تنزل لترطب ذلك الخد الذى أوشك من تيبسه أن تغزوه الأخاديد .
يلتفت إلى ذلك القادم من بعيد متخفيا بالشمس من وراءه ، هو قادم إليه ، فليس أحد هنا سواه ، والمكان لا يقربه أحد منذ اليوم الذى اجتثت فيه براثن الإثم زهرات القلب اليانعة ، يتشكل الخيال من بعيد ، يشبه ذاك الراحل فى يوم العزة ، يزداد الشبه يقينا ، وتزداد الحيرة ، يظهر وجهه المميز دوما بتلك البسمة الهادئة ، الممتلئة بحكمة الكون ، ينتفض واقفا ليأخذه بين ذراعيه ، إلا أنه يشير إليه بحزم فيجلسه ويجلس بجواره ، ينظر للمدى ويلتقط الحصى بأصابعه كى يلقى بها إلى بعيد ، تتزاحم الأسئلة ، ولكن الطمأنينة فى قلبه تسرى ، هل آن الرحيل ؟
يربت على كتفه ويمد ذراعه ليضمه إليه ويسمعه صوته الحانى الذى طالما اشتاق إليه . لا يا صديقى ، لم يحن الوقت بعد ، فما زالت لك فرحة أخيرة فى ذاك العالم الملئ بالكراهية .
ولكننى اشتقتكم ، وامتلأت بالحيرة ، لم يعد لى مكان هنا ، لا القلب يحتمل ، ولا الجسد يقوى ، وليس فى الروح ملاذ بعدما أثخنتها الجراح .
لم يكن لك مكان فى هذا العالم قبلا حتى عندما كنا بجوارك ، ألا تذكر حين قالتها لك قديما فى طرقات المعبد القديم ، لم يعرفك أحد مثلها وربما لن يعرفك أحد بعدها ، ولكن لتذكر أيضا نصيحتها " كن للعالم أنت ، يكن العالم لك كما أنت " .
ربما صدقت فى وصفها ، ولكن بالتأكيد نصيحتها لم تكن تصلح ، كنت أنا ولم أجد العالم الذى أريد ، صرت مهرج القرية ، أضحك الناس وأكتم فى داخلى جراح خيانتهم لى ، كنت لهم ذاك الحائط الذى يحتمون به والظهر الذى يحميهم ، وكانت طعنات الغدر أبسط ما فعلوه بى . طالت الرحلة وابتعد الطريق ولم تعد فى القلب طاقة على المسير .
ستظهر شمسك حينا عن قريب ، وستعرف حينها أن الغد كائن ، قم يا صديقى وانتعش ، فقريبا ترفل فى الفرحة .
أى فرحة والقلب تعلوه الكآبة ؟
أجل الصدأ يلمع الحديد
صبرا لا تبتعد ، وأخبرنى كيف أزيل صدأ السنين ؟؟؟؟
احكِ ، بالحكاية  يضيئ قلبك
عن ماذا أحكى ؟

عن رجم الشمس .

هناك تعليق واحد:

مدونة رحلة حياه يقول...

ولما لم نستطع الحكى صمتنا ففى الصمت وحى قل من يدركه
طبت دوما يا صديقى