السبت، 4 يناير 2014

فرحة العثور على الكنز





تحرك بخفة بين الشواهد القديمة ، مر بالجدران المتهدمة واختبأ خلفها وهو يرصد ما حوله فى وجل ، شدد قبضة يده على كنزه الثمين  محاذرا ألا يقع منه لأى سبب ، كان يرتجف وهو يلتصق بالجدار ليس من البرد الذى يمر عبر ثيابه المهترئة التى لم تعد تستر الكثير فى ذلك الشتاء القارص        ولكن من الحماس الذى ملأ كيانه منذ عثر عليه بعيدا ، كان دوما يعرف كيف يعثر على تلك الكنوز ولك المشكلة أن الجميع كانوا يعرفون عنه ذلك فكانوا يترصدونه ويسرقونه منه ويضربونه فلا يستطيع العودة به إلى أمه .
فى الأسبوع الماضى عثر على أشياء ثمينة وتمكن من الوصول بها إلى أمه وكانت فرحتها عظيمة وحاولت أن تحمله كما كات تفعل قديما كلما فرحت به لكنها لم تستطع ولم يفهم لماذا ولكنه قدر أنا ربما أصيبت فى أثناء سيرها فى قدما فلم تعد تحتمل المسير والوقوف كما حدث له منذ دهر ، كان يحب نظرة الفرح فى عينيها وحنوها عليه ، طبطبتها على كتفه ، وتربيتها على رأسه ، مداعبة شعره الناعم على غير العادة فى تلك الأنحاء ، كانت له كل الحياة .

تحرك ثانية محاذرا أن ينتبه إليه أحد ، مر برقعة مفتوحة سريعا ، ثم مر عبر تلك البقعة البعيدة ولكنه توقف فجأة لألم فى قدمه ، لم تطاوعه على المسير ، نظر إليها فوجد الدماء تسيل من جانبها ، تذكر الزجاجة المكسورة التى ارتطم بها ، لا يهم طمر الجرح بالتراب ثم استقام من جديد ، على الأقل لم يجد الصبية الذين كانوا يجلسون هنا عادة فيضربونه ويعبثون بجسده منه ثم يأخذون كنزه ويطردونه بعيدا ، والأهم أن يصل قبل يعترض طريقه أى من كان .

انحدر فى مسيره إلى النقطة التالية ترقب للحظة ثم انطلق من جديد فى اتجاه مكان أمه ، تسلل من بين العشش المجاورة ، ثم انحنى ليمر من أسفل ذلك السلك الذى يضعه البعض بلا هدف من زمن بعيد عن إدراكه ، ودلف إلى مكانهم ليجد أمه ممدة فى ركنها ، فض اللفافة وهو يجرى فى اتجاهها فى لهفة صارخا بصوت خفيض محاذرا أن يسمع أحد بالخارج : أمى .. أمى .. استيقظى يا أمى .. أمى لقد عثرت على رغيفين كاملين فى مخلفات تلك البيوت الجميلة التى تقع بعيدا .. أمى هيا لنأكل ... أمى ... أمى

كان جالسا على ركبتيه يهزها بقوة وصوتها يعلو فى الصياح يحاول أن يوقظها كى يبلغها بنصره وكنزه الثمين ، لكنه صمت فى النهاية وظل فى مكانه محدقا إليها فى عدم فهم ، لاحظ أن جسدها أكثر برودة من المعتاد ، لم يفهم لم لا يصعد صدرها ويهبط بذلك الضعف ، لم يفهم لم لا يجد أنفاسها المتقطعة كما اعتاد ، لم يفهم أن هناك أمورا أخرى قد تسكن الجوع .... غير رغيف الخبز .

هناك 4 تعليقات:

الكاتبة والإعلامية فاطمة العبيدي يقول...

لا حول ولا قوة إلا بالله
حتى هذه الفرحة لم يهنأ بها...!؟
كم نحن ساخطون ..!!
وأي سؤال ينتظرنا عن النعيم ..!!

تحياتي لرقي حرفك وفكرك أخي العزيز

Unknown يقول...

لا حول ولا قوة الأ بالله
وآنا له ان يفهم هـــذا!!
امه حبيبته حضنه وحصنه كيف
يفهم انها من الممكن ان تتركه

Foxology يقول...

جت في وقتها التدوينة دي

الله يسامحك على ابداعك

تحياتي

r يقول...

لو سمعت خطبه عبدالناصر لما قالك لفقراء ليهم الجنه وقال الفقراء دول مالهومش فى الدنيا جزء وزيه فى الجنه
امتى نرحم اللى فى الارض علشان يرحمنا من فى السماء