السبت، 10 أكتوبر 2015

حكايات العائد




أقف مسترسلا مع نفسى أمام تلك الحديقة الرائعة فى بلاد الغربة التى آمل أن يوما ما سأحمل منها حقيبتى الصغيرة وأعود من جديد ، خيط أبسط من الشعرةوأقسى من جبال النوبة الجميلة يشدنى إلي هناك ، ذكريات تمتد بعمر الكون ، مشاهد لن تنسى ، ومشاعر لن تزول .

فى تلك اللحظة قررت أن أكتب ، بعد سنين عديدة من الصمت ، لأننى أدركت أخيرا أن ما تبقى حتما أقل بكثير مما انقضى ، وأن النهاية لن يعرف أحد ميقاتها ، وأن الحكايات هى كل ما سأترك فى هذا العالم .


وبداية القصة ونهايتها هى أنت ، كنت لحظة الميلاد ، والمستقبل الذى خطت سطوره فى لوح القدر من أمد بعيد ، أنتى  من سطرت الكلمات فى شفتى عبر سنين طويلة ، وألفيتنى آلاف المرات أعرف نفسى بك ، أعيش تفاصيلك ، أتدثر بدفء كلماتك المروحة عن النفس ، المضيئة لدروبى التى أسلكها مهما كان الزمان والمكان .
يعجب من يعلم أن كل تلك الأعوام ، لم تزدنى سوى عشق لك إن كان يمكن ذلك ، تتناثر من حولى الكلمات ، يتساءل أحدهم ..... كيف  ؟
ولا أجد الإجابة ، فأبادرهم سائلا ، أيستبدل الضوء بالظلمة ؟ أيصغر الكبير سنا ؟ أأحب سواها ؟
تترادف الأسئلة فى استحالة إجابتها ، ويتعجب الجمع وينصرف  .
جنون هو فى نظرهم عشقى لك ، ونضج هو فى نظرى ، الحب لهم عذاب يتنقلون فيه بحثا عن الراحة ، وما بيننا هو الجنة التى وعدنا بها يوما ، والراحة التى يبحث عنها البشر منذ ملايين السنيين ، الدفء الذى يغمر القلب فيسع الكون ويشع لمن حوله الطمأنينة فى ليالى الشتاء الطويلة  ، الأمل الذى يستضيء به التائهون فى الأرض البعيدة ، العذب الذى يروى الظامئين فى البحار المظلمة .



فى بدء الكون كانت الكلمة ، وفى البدء بيننا كانت العينان أول رسل أتت بى من حيث لا أدرى إلى رحاب  حبك ، إلى الهدوء بداخلك ، إلى الجمال ومحرابه الوحيد ، إلى الخلود .
وتساقطط الأيام تترى ، وكل يوم يحمل لى من الدلالة أن الله قد كتب لى فرح الكون بأسره ، القرب منك واحة من الجنة ، تداركنا الكثير من الحياة معا ، واجهنا ما واجهناه ، وعرفنا أننا قدر فى تلك الدنيا لن يتغير .
ما زالت الشوارع تحمل آثار خطواتنا ، وما زال الكثير يحكون قصتنا الأثيرة فى الليالى الدافئة ، أمشى بين الربوع لأرى كل شئ بعينيك لم يزل دون تغيير ، ربما حاولوا تشويه وطمس ملامح كل الأماكن ، فمطعمنا هدم وبنى مكانه برج قبيح ، ومحل الورد القائم على بداية الميدان ، أزيل من زمن ، حتى ركننا الأثير فى نادينا أحيل إلى قاعة فخيمة ، إلا أننى لا زلت أراهم فى تلك الأماكن حين أمر بها ، اسمع ضحكاتك ترن فى أذنى ، أرى ضياء ابتسامتك فى كل التفاصيل .



يوما حين نلتقى سأحكى لك الكثير عن كل ذلك ، عن الصحبة الراحلة ، عن خطوات فى الحياة لم يؤنسنى فيها غير كلماتك الحانية ، عن الضعف بعد القوة ، عن انتظار لم يزل ، عن يقين باللقاء .


هناك 7 تعليقات:

Unknown يقول...

وقد يجمع الله الشتيتين
بعد أن ظنا الأ تلاقيا!
فعلا ....

رحاب صالح يقول...

قدي يجمع الله الشتيتين معا بعد ان ظنا أن لا تلاقيا
يارب تيجي بالسلامة بقي

فاتيما يقول...

حمدلله ع السلامة ...

Unknown يقول...

من أنت

Unknown يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
Unknown يقول...

أنت البداية والنهاية. .
وما بينهما عمر زاخر بالحياة والألم والدموع
مزيج اختلط بعظامي. .واقتات عليه نبضي
فأصبحت روحي كطائر النورس
كالناى الحزين.

Unknown يقول...

أنت البداية والنهاية. .
وما بينهما عمر زاخر بالحياة والألم والدموع
مزيج اختلط بعظامي. .واقتات عليه نبضي
فأصبحت روحي كطائر النورس
كالناى الحزين.