الاثنين، 13 أغسطس 2012

صرخة الصمت




تأوهت بصعوبة وهى تحاول ان ترفع رأسها فلا تستطيع ، تدير عينيها فى المكان من حولها تحاول أن تتذكر أين هى فتزداد حيرة ، المرضات يذهبن ويجئن سراعا ، المرضى حولها يفترشون الأرض بعد ما زادوا طاقة المسشتفى ، الدمـ ....

تتردد صرختها فى هلع وتجلس منتفضة وهى تتلفت حولها بسرعة وتردد بلهفة : زياد ، زياد ، أين زياد ، أين هو ، تسرع طبيبة شابة ناحيتها وتحوطها بذارعيها محتضنة إيايا وهى تطمئنها قائلة : لا تخافى وتريثى لربما هو مع أبيه ، فوجئت بها وهى تنفجر باكية ويهتز جسدها وتصرخ : لا ليس مع أبيه ، ليس مع أبيه ، ليس أبيه ، ظلت ترددها فى هستيرية وهى تبكى حتى اضطرت الطبيبة أن تعطيها مهدئا كى تعود للنوم والهدوء قبل أن يحدث ما لا يحمد عقباه .

عاد الوعى إليها تدريجيا وزارها الكثير من الأشباح وأحلام ما بين النوم واليقظة ، رأت صديقاتها فى المدرسة وهن يدرن حولها ويضحكن فى سرور ، رأتهن وهن يتشاجرن على من تلقف باقة الزهور التى ألقتها يوم عرسها ، رأتهن وهن يصبرنها ويواسينها على تأخر الإنجاب ، ويفرجن عنها أن زوجها ذلك الرجل الصابر المثابر لم يشتك أنه يؤمن أنه قضاء الله ، رأتهن يتناقصن بعد أن فرقتهن سبل الحياة من حولها ، رأت من تبقت منهن وهى تضمد جرحها فى غارة سابقة ثم تغمض عينيها بعد ما قضى أمر الله ، رأت نفسها وحيدة وهى تتلقى نبأ حلم تأخر  لسنوات طويلة ، رأت زوجها وهو  ....

استعادت وعيها لتجد جارة لها تقف عند رأسها وهى تحاول أن تبتسم بصعوبة ، وملامحم وجهها الذى تعود الحزن منذ بدء الأحداث يأبى عليها ذلك ، ولكنها مدت يدها لتربت على كتفها لتطمئنها وتهدئ من روعها ، ولتجيب السؤال الذى عجزت الشفاة ان تنطق به .

عاد إليها كامل وعيها وعادت إليها ذاكرتها ، فانتفضت وهى تتذكر جلستها مع طفلها الصغير ذى الأربع أعوام على ضوء لمبة الجاز البسيطة تحكى له بنبرات رتيبة تحمل فى طياتها حزن بلا حدود تعود عليه الطفل وغن كان لم يفهمه ، كانت تحكى له دوما عن والده الذى كان عاملا مجتهدا فى المصنع القريب من البلدة ، وكان يحب بلاده ويتفانى فى سبيلها ، ويساعد كل من حوله ، حكت له عن ابتسامته المطمئنة ، وهدوئه المريح لمن حوله حتى فى أحلك المواقف  ،حكت له عن والده وأراؤه التى لطالما حذرته وحذره من حوله منها ، ولكنه كان يردد دوما " لا نملك إلا الكلمة من أجل بلادنا أفنضن عليها بها " ، حكت له عن اختفاء والده وعن العثور عليه بعد شهور طويلة تحت الجبل وقد ....

صرخت بقوة جعلت كل من بالمكان يهرع إليها وأغشى عليها ، تسائل الجميع ما بالها ، تطوعت جارتها لتحكى لهم عن تلك الغارة المشئومة التى تعرض لها حيهم من قبل قوات السلطة ، وكيف أنه فى ذلك المساء الصيفى الذى جلست فيه الأم أما الدار وطفلها الذى لا تملك فى الدنيا سواه يلعب مع أقرانه أمامها والضحك  والفرحة يعمان المكان حتى غشى  الدمار كل شىء وتطاير  الموت يحصد الجميع ، وكيف إنها طارت من أثر انفجار قريب لتجد يد طفل بجوارها وسط الغبار وتعرفت على يد ابنها فيه فجذبتها بقوتها .... لتكتشف أنها بلا جسد .

هناك 10 تعليقات:

فاتيما يقول...

كدا برضو

:(

حلوة قوى
وموجـــعــة


تسلم ايدك

رحاب صالح يقول...

يااااااااااة
بجد موجعة اوووي
كدة تخليني اعيط وانا واخدة الدوا وتعبانة يا اسامة

EL pRiNcEssA يقول...

بتفكرني بأم مجند ...صبرت سنين عشان تخلفه وراح الجيش واستنت يخلص عشان يشتغل ويتجوز وتفرح بعياله ..رجعلها اشلاء ..اشلاء مصرية تستاهل يتباس التراب اللي تحتها
ومن المسئول عن ده ..رئيس ولا مشير..ده عمر بن الخطاب كان يبكي من هول المسئولية ..ونحن تفرقنا ما بين ائتلافات واختلافات ..واخترنا من لن يرحمنا ..ومن لا يفهمنا ..موجعة للغاية الحياة ككلماتك ..اشكرك

حفيدة عرابى يقول...

ياقلبى يانى
طيب :(

ذآت الـ 13 شتاء يقول...

يعترضني الألم أينما اتجهت كطير مبلل في شتاء قارس أجهل أسأرى أفقي من جديد ... ؟!

حسن ارابيسك يقول...

جميلة لغتك في الكتابة
وجميلة قصتك وجميلة حرفية الدخول الخروج لمحور قصتك من باب الوعي وباب وفقدان الوعي
القصة بلا شك خاتمتها موجعة مؤلمة ونراها كثيراً للأسف على شاشات التلفاز تحدث في فلسطين وفي سوريا وبلدان اسلامية أخرى
ندعوا الله أن ينجي الامة الاسلامية ويحفظها من كل سوء

عيد سعيد عليك
وكل عام وانت بخير
وتحياتي
حسن أرابيسك

r يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
r يقول...

كل سنه وانت طيب
وعيد فطر سعيد
وان شاء الله يصبر قلب كل ام ( شهيد فقيد معتقل) الاخزان واوجاع الحياه كثيره ولكننا ننتظر الفرج من الله

بيطرية ومش بايدى يقول...

:/

لــــ زهــــــراء ــــولا يقول...

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
اطفال سوريا تخيلتها هكذا
قصة مؤلمة وسرد رااااائع وموهبة جميلة


لولا