السبت، 30 يونيو 2012

لعنة الحياة



اللعنة



استيقظ من نومه كعادته مع أذان الفجر يشق سكون الليل ، فتوضأ وذهب ليصلى فى المسجد القريب ، وبعد الصلاة وأذكارها أقبل الناس يسئلونه فى بعض ما يشغلهم من الأمور ، فهو عندهم موثوق برأيه وإن لم يكن يعلم فهو يسأل من أجلهم ويأتيهم بالجواب ، كما أنه يستقبل أسئلتهم دوما بصدر رحب وابتسامة هادئة مطمئنة يحبونه كثيرا لأجلها .



وما أن بدا شروق الشمس فى الأفق حتى قام عائدا الى المنزل مارا فى طريقه بالمحلات لشراء لوازم الإفطار ، وأيقظ أباه وإخوته ليذهب كل منهم فى طرقه ، وبعد أن قبل رأس أمه ولبى لإخوته ما طلبوه من أمور مختلفة غادر المنزل مصحوبا بدعوات والديه له .



وعند وصوله إلى مقر العمل وجد أحد العاملين يجرى نحوه ويخبره لاهثا أن المدير يطلبه فور وصوله لإمر هام ، ولدى ذهابه إليه والقاء التحية وجد أن المدير يدفع إليه بأحد الملفات طالبا منه العمل على إتمام التعاقد الموجود به بسرعة .



وهنا سأله متعجبا ومخبرا إياه بأن لديه بالفعل العديد من الأمور التى عليه أن يقوم بها بينما العديد من زملائه يجلسون بدون عمل يذكر ، فأجابه بأنه فى النهاية يؤدى عمله على أكمل وجه أما زملائه فكثيرا ما تكون هناك أخطاء فلماذا المخاطرة بضياع الوقت ، ثم صاح متذمرا ومنهيا الحوار : هيا هيا فلا وقت لدى اذهب وأد عملك .



فغادره وهو يتنهد فى قوة متعجبا من منطق من حوله ، وذهب إلى مكتبه وهو يلقى على الجميع تحية الصباح بابتسامته الهادئة ، وجلس ينهى ما أمامه من أوراق وأذنه تسمع الكثير من الأحاديث السخيفة المكررة التى يتبادلها زملائه فى المكتب ، وحين انتهى وقت العمل نهض محييا من تبقى منهم وغادر المكان .
ومن هناك إلى المكان الذى كان يحب يوما التواجد فيه وهو أحد قصور الثقافة ، وبعد أن دخل وأنهى بعض الأمور فوجىء بزميل له يشير إليه من بعيد ويصيح به أن يأتى إليه باشارات متسارعة فهم منها أنه يريده لأمر عاجل ، وعندما لبى نداءه وجده يقدمه إلى شخص مهذب يقف بجواره ويربت على على كتفيه قائلا : أنه من كنت أحدثك عنه منذ قليل .



وعنما نظر إليهما متسائلا قال له صديقه وهو ينهض ويستعد للإنصراف : لقد رشحناك لتنظم معه أحد المؤتمرات وبالطبع موافقتك مضمونه لأنك أفضل من يدير تلك الأمور ، ثم صاح متعجلا : إلى اللقاء واتصلوا بى إن احتجتم إلى أى شىء . وظل ينظر إليه حتى ابتعد ثم التفت إلى الرجل فوجده ينظر إليه منتظرا أن يبدأ الحديث ، فعاجله سائلا إياه عن المؤتمر الذى كانا يتحدثان عنه ، فأجابه الرجل وظلا يتحدثان ويرتبان الأمور ويوزعان الأدوار إلى أن افترقا وقد اتفقا على كيفية إدارة الأمر بينهما .



وما أن انصرف من هناك حتى عرج على النادى لكى يرى ما وصلت إليه الأمور وليتابع تدريب فريقه ، وبينما هو يراقب أداء اللاعبين والمدربين الشبان ، وجد مدير النشاط الرياضى يجلس بجواره وهو يلهث كعادته من فرط البدانه ، ووضع يده على كتفه محييا إياه وقائلا : أين أنت ؟ قد سألنا عنك كثيرا فلم نجدك .



فرد عليه قائلا : ولكننى وصلت فى موعدى ولم أتأخر فما الذى حدث ؟



ففاجأه هذا بإخباره أنه قد تم الإتفاق على عقد عدد من اللقاءات بينهم وبين عدد من النوادى الأخرى . فقاطعه قائلا : ولم لم يخبرنى أحد قبل أخذ القرار ليرى هل نحن مستعدين أم لا ؟



فقال المسئول : أن الإجتماع تم فى الصباح وأنه لم يكن موجودا كما أن اللاعبين دائما ما يعودون بنتائج جميلة فلماذا الخوف ؟ قم أنت فقط باختيار العناصر المناسبة وتدريبهم بنفسك ليطمئنوا ، ولتأتوا بنتائج إيجابية يحتاج إليها النادى فى تلك المرحلة .



وعندما هم بالإعتراض عاجله قائلا : هيا فالكل ينتظر ويعتمد عليك فى ذلك ، فأنت تصلح دوما لتلك الأمور ، وتركه وانصرف .



وهنا نظر إلى اللاعبين فوجدهم ينظرون إليه فى ترقب منتظرين لقراره ، فابتسم لهم مطمئنا وأشار إليهم أن يتجمعوا حوله ليضعوا خطة تدريب تناسب المرحلة الجديدة .



وعندما توغل المساء عاد إلى المنزل مرة أخرى ، وهناك استقبلته أمه بحنانها المعهود سائلة إياه عن يومه ، فقبل رأسها وطمئنها بأنه كان يوما جيدا ، ودعاها إلى أن تذهب وتستريح ، وذهب هو إلى غرفته بعد تناوله العشاء ، وهناك خلع عن وجهه قناعه وزالت ابتسامته ، وظهر على وجهه الإرهاق ، وجلس إلى أوراقه وبدأ فى الكتابه " إلى من قد يقرأ تلك الكلمات يوما ، لك عندى نصيحة اكتسبتها من السنين



- لا تكن ذكيا وإن كنت فتظاهر بالعكس
- لا تكن نشيطا وإن كنت لا تجعل من حولك يشعرون بذلك
- لا تكن سعيدا وإن كنت تحدث دوما عن أحزانك 
- لا تكن صادقا وإن كنت فابتعد عن الناس
- لا تكن متعاونا وإن كنت حاول تغيير نفسك



وإذا لم تجد فى نفسك الرغبة فى أن تعمل بتلك النصيحة ، فلك منى البشرى بأنك ستصبح انسانا ناجحا ، بل وناجحا للغاية ، وستجد أن الجميع ينادون بك ، والكل يحبك ، ويعتمد عليك وبعدها ....... " 

وهنا اهتزت الرؤيا أمام عينيه فرفع رأسه ، ومسح دموعه التى انسالت من عينيه على الرغم منه ، ولاحت منه التفاتة إلى الساعة فوجد أنه قد تجاوز موعده ، فنهض متثاقلا إلى فراشه واضجع عليه وهو يدعوا الله كعادته بأن يكون الغد مختلفا وأن يبعد عنه اللعنه 
لعنة النجاح
*****
تم النشر من قبل بتاريخ 27/11/2008

هناك 7 تعليقات:

حنين محمد يقول...

صباح الغاردينيا
قصة جميلة وحكاية رائعة
كنت أشاهدها بتفاصيلها "
؛؛
؛
لروحك عبق الغاردينيا
كانت هنا
reemaas

مصطفى سيف الدين يقول...

فكرتني بحاجة كانوا العساكر اللي اقدم مننا يقولوهالنا و بعدين اكتشفنا صحتها كانوا بيقولولنا لو القائد طلب منك حاجة متعملهاش بسرعة اوي و بدقة بالغة لأن ده مش هيجيلك من وراه مكافأة لكن هيخليه يكلفك بشغلانة تانية و تالتة و هكذا استهبل في شغلك و على اقل من مهلك حتى لو وضح انه مفروس بس هيريحك بعدين فعلا افتكر ان كان في زميل لنا من النوع اللي يفرس القائد اخر ما زهق منه قاله مش عايز اشوف وشك خمس ايام لا تطلع طوابير و لا تقف خدمة في حين المجتهدين بقى همه اللي شالوا شغله
و عجبي
بجد عجبتني حكمتك جدا و كتبتها حلو اوي
دمت قلما مبدعا

كريمة سندي يقول...

قصة مشوقة وراقية الطرح فعندما تتضح الرؤيا تزول الغشاوة تحياتي

الازهرى يقول...

ريماس

شكرا على إطراء لا أعرف كيف اتحدث بعده

تحياتى للعبق الرائع
ولريماس الرقيقة

الازهرى يقول...

مصطفى سيف الدين

كم من حكم الحياة نتعلمها بعد مشقة
لنجد أناس فى منتهى البساطة يعرفونها

فى الجيش وجدت من يعلمنى إياها
ولكن لم اجد من يعلمنى كيف اعمل بها

دمت صديقا رائعا

الازهرى يقول...

كريمة سندى

ولكن هل زوال الغشاوة
زوال للمشكلة ؟؟؟؟

تحياتى دوما

حفيدة عرابى يقول...

تسلم الأيادى
وكنت هاقوله انه ميعرفش يكون غير نفسه
ومينفعش ينفذ النصائح اياها
ده قدره اللذيذ المر أحيانا