أقف مسترسلا مع نفسى أمام تلك الحديقة الرائعة فى بلاد الغربة التى آمل أن
يوما ما سأحمل منها حقيبتى الصغيرة وأعود من جديد ، خيط أبسط من الشعرةوأقسى من
جبال النوبة الجميلة يشدنى إلي هناك ، ذكريات تمتد بعمر الكون ، مشاهد لن تنسى ،
ومشاعر لن تزول .
فى تلك اللحظة قررت أن أكتب ، بعد سنين عديدة من الصمت ، لأننى أدركت أخيرا
أن ما تبقى حتما أقل بكثير مما انقضى ، وأن النهاية لن يعرف أحد ميقاتها ، وأن
الحكايات هى كل ما سأترك فى هذا العالم .
وبداية القصة ونهايتها هى أنت ، كنت لحظة الميلاد ، والمستقبل الذى خطت
سطوره فى لوح القدر من أمد بعيد ، أنتى من
سطرت الكلمات فى شفتى عبر سنين طويلة ، وألفيتنى آلاف المرات أعرف نفسى بك ، أعيش
تفاصيلك ، أتدثر بدفء كلماتك المروحة عن النفس ، المضيئة لدروبى التى أسلكها مهما
كان الزمان والمكان .
يعجب من يعلم أن كل تلك الأعوام ، لم تزدنى سوى عشق لك إن كان يمكن ذلك ،
تتناثر من حولى الكلمات ، يتساءل أحدهم ..... كيف
؟
ولا أجد الإجابة ، فأبادرهم سائلا ، أيستبدل الضوء بالظلمة ؟ أيصغر الكبير
سنا ؟ أأحب سواها ؟
تترادف الأسئلة فى استحالة إجابتها ، ويتعجب الجمع وينصرف .
جنون هو فى نظرهم عشقى لك ، ونضج هو فى نظرى ، الحب لهم عذاب يتنقلون فيه
بحثا عن الراحة ، وما بيننا هو الجنة التى وعدنا بها يوما ، والراحة التى يبحث
عنها البشر منذ ملايين السنيين ، الدفء الذى يغمر القلب فيسع الكون ويشع لمن حوله
الطمأنينة فى ليالى الشتاء الطويلة ، الأمل
الذى يستضيء به التائهون فى الأرض البعيدة ، العذب الذى يروى الظامئين فى البحار
المظلمة .
فى بدء الكون كانت الكلمة ، وفى البدء بيننا كانت العينان أول رسل أتت بى
من حيث لا أدرى إلى رحاب حبك ، إلى الهدوء
بداخلك ، إلى الجمال ومحرابه الوحيد ، إلى الخلود .
وتساقطط الأيام تترى ، وكل يوم يحمل لى من الدلالة أن الله قد كتب لى فرح
الكون بأسره ، القرب منك واحة من الجنة ، تداركنا الكثير من الحياة معا ، واجهنا
ما واجهناه ، وعرفنا أننا قدر فى تلك الدنيا لن يتغير .
ما زالت الشوارع تحمل آثار خطواتنا ، وما زال الكثير يحكون قصتنا الأثيرة
فى الليالى الدافئة ، أمشى بين الربوع لأرى كل شئ بعينيك لم يزل دون تغيير ، ربما
حاولوا تشويه وطمس ملامح كل الأماكن ، فمطعمنا هدم وبنى مكانه برج قبيح ، ومحل
الورد القائم على بداية الميدان ، أزيل من زمن ، حتى ركننا الأثير فى نادينا أحيل
إلى قاعة فخيمة ، إلا أننى لا زلت أراهم فى تلك الأماكن حين أمر بها ، اسمع ضحكاتك
ترن فى أذنى ، أرى ضياء ابتسامتك فى كل التفاصيل .
يوما حين نلتقى سأحكى لك الكثير عن كل ذلك ، عن الصحبة الراحلة ، عن خطوات
فى الحياة لم يؤنسنى فيها غير كلماتك الحانية ، عن الضعف بعد القوة ، عن انتظار لم
يزل ، عن يقين باللقاء .
هناك 7 تعليقات:
وقد يجمع الله الشتيتين
بعد أن ظنا الأ تلاقيا!
فعلا ....
قدي يجمع الله الشتيتين معا بعد ان ظنا أن لا تلاقيا
يارب تيجي بالسلامة بقي
حمدلله ع السلامة ...
من أنت
أنت البداية والنهاية. .
وما بينهما عمر زاخر بالحياة والألم والدموع
مزيج اختلط بعظامي. .واقتات عليه نبضي
فأصبحت روحي كطائر النورس
كالناى الحزين.
أنت البداية والنهاية. .
وما بينهما عمر زاخر بالحياة والألم والدموع
مزيج اختلط بعظامي. .واقتات عليه نبضي
فأصبحت روحي كطائر النورس
كالناى الحزين.
إرسال تعليق